أنشطة وفعاليات

جلالة الملك المفدى ينيب معالي وزير الخارجية لافتتاح المؤتمر الدولي حول المحكمة العربية لحقوق الانسان

25 مايو 2014

برعاية كريمة من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسي ال خليفة عاهل البلاد المفدى، انطلقت صباح اليوم بفندق الريتز كارلتون أعمال المؤتمر الدولي حول المحكمة العربية لحقوق الإنسان الذى تستضيفه مملكة البحرين علي مدي يومين.


وألقي سعادة الدكتور عبدالعزيز أبل رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر رفع فيها الى المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى اَل خليفة عاهل البلاد المفدى عميق الشكر والتقدير , مشيدا بتفضل جلالته برعاية المؤتمر الدولي حول المحكمة العربية لحقوق الانسان , وبالمبادرة السامية التي اطلقها جلالته بإنشاء محكمة عربية لحقوق الانسان على مستوى الوطن العربي .

وأكد ان مبادرة جلالة عاهل البلاد المفدى بإنشاء محكمة عربية لحقوق الانسان على مستوى الوطن العربي جاءت تعبيرا عن نظره حكيمة بشأن استحداث اَلية عربية في مجال حقوق الانسان , تضيف بعدا جديدا للعمل العربي المشترك في مجال احترام وحماية حقوق الانسان في الوطن العربي الكبير .

وقال إن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان إذ تؤكد بأن الدعم العربي للمبادرة الملكية جاء ليعزز من قوة ومتانة هذه المبادرة التي جاءت من أجل أن تواكب تطلعات شعوب الأمة العربية وتلبي طموحاتهم في تعزيز ركائز دولة القانون والعدالة والتكافؤ والمساواة واحترام حقوق الإنسان كرامته، لتحقيق مستقبل مشرق وحياة كريمة لشعوب الأمة العربية.

واضاف ان المؤسسة الوطنية تشيد بالجهود العربية المبذولة في سبيل إنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان ممثلة في جامعة الدول العربية التي أقرت في اجتماعها الدوري الـ40 الذي عقد بالقاهرة في سبتمبر الماضي وباختيار مملكة البحرين مقرا للمحكمة العربية لحقوق الإنسان، والذي يعد مكسبا حقيقيا للأمة العربية، وذلك في سبيل تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وتطوير المجال الحقوقي، والنظام الإقليمي العربي لحقوق الإنسان، وتعزيز آليات العمل الحقوقي في الدول العربية.

وأكد ان إنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان يعتبر تحولا تاريخيا كبيرا لتعزيز مكانة الأمة العربية بين الأمم ، وستكون إضافة حقيقية في مجال احترام وحماية حقوق الإنسان، لتضاهي المحاكم الأوروبية والأفريقية والأمريكيتين ،اللواتي سبقننا في هذا المجال.

وأعرب الدكتور عبدالعزيز أبل عن امله في أن يكون هذا المؤتمر لبنة اضافية في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وتشجيع ثقافة احترام الحقوق التي كفلتها الديانات السماوية وأقرتها الدساتير الوضعية، وأكدتها المواثيق والمعاهدات الدولية، وأن يسفر المؤتمر عن عدد من التوصيات والمقترحات ليتم النظر اليها بعين الاعتبار عند إقرار النظام الأساسي للمحكمة العربية من قبل جامعة الدول العربية.

وتوجه ابل بالشكر الجزيل الى مجلسي النواب والشورى على دعمهما الكريم لانعقاد المؤتمر الدولي حول المحكمة العربية لحقوق الانسان , مثمنا كذلك للشركاء الداعمين لفعاليات المؤتمر وفي مقدمتهم جامعة الدول العربية والبرلمان العربي , واللجنة الوطنية لحقوق الانسان في دولة قطر , والشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان , وللجنة العليا المنظمة للمؤتمر على جهودها لإنجاح انعقاد هذا المؤتمر.

من جانبه ألقى معالي الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية كلمة خلال الجلسة الافتتاحية استهلها بتقديم جزيل الشكر إلى مملكة البحرين ملكا وحكومة وشعبا على استضافة وتنظيم المؤتمر الدولي الهام حول المحكمة العربية لحقوق الإنسان مؤكداً أن إنشاء المحكمة يمثل نقلة حضارية في مجال حقوق الإنسان في العالم العربي.

وقال ان هذا المؤتمر يأتي استكمالا لمبادرة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين بالدعوة لإنشاء المحكمة والذي رحب به مجلس الجامعة على مستوى القمة بموجب قراره رقم 573.

كما هنأ الدكتور نبيل العربي مملكة البحرين باختيار المنامة عاصمة الشباب العربي لعام 2015.

وتطرق العربي في كلمته الى توضيح معنى وأهمية إنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان مشيرا الى أنه لن يتطرق إلى كافة الموضوعات والأزمات والمتغيرات التي تمر بها المنطقة العربية اليوم لخصوصية هذا المؤتمر وتأكيداً على الانجاز الكبير الذي تم في هذا الشأن.

وقال "اننا خطونا منذ ذلك الوقت خطوات ايجابية، فتم تشكيل لجنة رفيعة المستوى من الخبراء القانونيين من الدول الأعضاء لإعداد مشروع النظام الأساسي للمحكمة، وعقدت اللجنة رفيعة المستوى خمسة اجتماعات توجت برفع مشروع النظام الأساسي إلى مجلس الجامعة على مستوى القمة في شهر مارس الماضي بدولة الكويت، وقد وافق المجلس من حيث المبدأ على المشروع على أن تستمر اللجنة رفيعة المستوى في جهودها من اجل وضعه في صيغته النهائية وعرضه على اجتماع قادم للمجلس الوزاري".

وأشار إلى ان اللجنة اجتمعت مؤخرا في 14-15 من الشهر الحالي وانتهت تماماً من إعداد الصيغة النهائية لمشروع النظام الأساسي ومن المقرر عرضه على مجلس الجامعة في أقرب فرصة لإقراره حتى يبدأ إنشاء المحكمة التي تكرمت مملكة البحرين وعرضت استضافتها، وهو ما تم الموافقة عليه وفق قرار القمة العربية في دورتها العادية (24) بالدوحة العام الماضي.

وأكد العربي ان قضية حقوق الإنسان تشغل اهتماما بالغا على المستوى الدولي والإقليمي والوطني، وقد تضاعفت هذه الأهمية في الوقت الراهن بالنسبة للعالم العربي بعد سنوات من الإقصاء والتهميش الاجتماعي دفعت بالمواطنين للمطالبة بالإصلاح السياسي والاصلاح الديمقراطي مشيرا الى أن العالم العربي يعيش مرحلة تحول فارقة في تاريخه الحديث، وتغيرات عميقة تقود مسيرتها الشعوب العربية المتطلعة إلى بناء دولة المؤسسات القائمة على العدل والمساواة والديمقراطية والتكافل الاجتماعي، أي الحكم الرشيد، والذي لا يمكن أن يتحقق في غياب حماية واحترام حقوق الإنسان.

وأشار العربي في هذا السياق، إلى أن جامعة الدول العربية استضافت بالتعاون مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان أول مؤتمر إقليمي يعنى بقضايا حقوق الانسان في المنطقة العربية تحت شعار "حقوق الإنسان في المنطقة العربية: التحديات والآفاق المستقبلية"، وذلك خلال الفترة من 20-22 مايو من هذا الشهر بمقر جامعة الدول العربية. موضحاً أن هذا المؤتمر الاقليمي يوفر كل عامين منصة إقليمية لأصحاب المصلحة المتعددين (الحكومات، والبرلمانيين، والمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان، والمجتمع المدني) للتحاور حول أولويات حقوق الإنسان والتحديات التي تواجه الدول العربية.

واضاف انه لابد من التنويه هنا، إلى أن المنطقة العربية تشهد حاليا اهتماما غير مسبوق بقضايا حقوق الإنسان تقديرا لأهميتها ودورها في الخروج من مصاف الدول النامية إلي مصاف الدول المتقدمة، ولن يتأتى هذا إلا بالنهوض بالإنسان ذاته الذي سيقود هذا التقدم. كما انه نظرا للطفرة الهائلة في وسائل الاتصال والإعلام والانترنت، فقد أصبح من الصعوبة التستر على انتهاكات حقوق الإنسان من قبل بعض الأشخاص أو المؤسسات أو الأنظمة في ظل تواجد العديد من الهيئات والمؤسسات التي ترصد وتراقب وتفضح هذه الانتهاكات من أجل تقديم مرتكبيها للمحاسبة والمسائلة القانونية بصرف النظر عن مراكزهم.

وتابع قائلا "اننا اليوم من هذه القاعة نخطر العالم الذي يرقبنا، ويراقبنا وبكل إمعان، أن قراراتنا تصدر بإرادة سياسية واعية تستهدف التحديث والتطوير، وتستهدي بحقوق الإنسان مسيرة وممارسة، وتبني قواعد نظام عربي جديد يتناغم ويتواءم مع النظام الدولي ويقر قواعده من منطلق ما نراه من مصلحة عامة يجدر تحقيقيها لأبناء المنطقة، وتؤكد على أن إنشاء المؤسسات والآليات الإقليمية ليس هدفا يقصد لذاته أو بنيانا يقام للتباهي به، وإنما وسيلة نحو غاية...وهو فيما يتعلق بالمحكمة احترام حقوق الإنسان".

ونوه الامين العام للجامعة العربية في هذا السياق إلى أنه طالب مرارا بوقفة مع الذات والإقرار بأن ما تضمنه الميثاق العربي لحقوق الإنسان يظل قاصراً عن الإيفاء بكل المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وأن مراجعته وتعديله بصورة تتفق مع المواثيق الدولية أصبح مطلباً ملحاً لا يمكن التغاضي عنه أو إهماله لأي سبب كان ، وقال اننا بحاجة إلى العمل معا لضمان أن تؤسس المحكمة لتفي بهدفها الأصلي: لدعم الميثاق العربي لحقوق الإنسان ومنع انتهاك حقوق الإنسان في المنطقة العربية.

واضاف انه لا يمكن أن تكون هناك دول حرة مستقلة مزدهرة في ظل مواطنين لا يتمتعون بالحرية والكرامة والحقوق وفي ظل حرمانهم من الإنصاف، ولا يمكن ضمان السلم الخارجي في غياب السلم الداخلي، أي السلم بين أبناء الوطن وبين المواطن والدولة، وبعبارة أخرى، الالتزام بحقوق الإنسان حق أخلاقي وحق استراتيجي على حد سواء. كما أن استقرار دول المنطقة يتوقف على مدى تطبيقها واحترامها لمبادئ حقوق الإنسان التي تضمنتها المواثيق الدولية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

وأكد أن الطريق الذي يحقق التقدم في القرن 21 وهو التنفيذ السليم والكامل للمواثيق الدولية ولأحكام الميثاق العربي لحقوق الإنسان بعد مراجعته وتعديله طبقاً للالتزامات الدولية ذات الصلة للدول الأعضاء على الصعيد الوطني، حتى يمكن تعزيز واحترام حقوق الإنسان في مختلف أرجاء المنطقة.

كما أكد إنشاء هذه المحكمة هام للحاق بركاب العصر وينبغي إتاحة الفرصة للمواطن في المنطقة العربية أن يصل إلى المحكمة العربية لحقوق الإنسان إذا ما استنفذ كافة السبل الوطنية للإنصاف.

وأعرب الامين العام للجامعة العربية في ختام كلمته عن أمله برؤية محكمة عربية لحقوق الإنسان ذات أسس قوية تتمتع بالاستقلالية وتسهِّل على الأفراد ممن يدّعون انتهاك حقوقهم التي كفلها الميثاق العربي لحقوق الإنسان التماس العدالة لديها عندما لا تكون هناك فرصة للإنصاف الفعال على الصعيد الوطني، متمنيا للمؤتمر التوفيق.

من جهته رفع رئيس البرلمان العربي السيد أحمد بن محمد الجروان اَسمى ايات الشكر والتقدير الى مقام حضرة عاهل البلاد المفدى وشعب مملكة البحرين الكريم على استضافة أعمال هذا المؤتمر المهم , وقال ان البحرين كانت سباقة في دعم تطوير وتفعيل مبادئ حقوق الانسان في العالم بأسره والوطن العربي والاسلامي .

واضاف ان جلالة عاهل البلاد المفدى كان أول من طرح فكرة انشاء المحكمة العربية لحقوق الانسان في وقت احتاج فيه العالم العربي الى استكمال منظومة اَليات حقوق الانسان محكمة عربية لحقوق الانسان أسوة بنظرائها من محاكم اقليمية ودولية تعني بالنظر في شكاوى الافراد المتعلقة بانتهاك حقوق الانسان , مشددا على ان مباركة القادة العرب في قمة الدوحة في مارس 2013 انشاء المحكمة العربية لحقوق الانسان جاءت ملبية لطموحات الشعوب العربية التواقة الى مثل هذه المحكمة التي تعتبر ملاذا يلجأ اليه المتضررين من الانتهاكات في مجال حقوق الانسان , وقال "اننا في البرلمان العربي وكمثلين لإرادة الشعوب العربية نقف بقوة خلف دعم انشاء المحكمة تلبية لطموحات الشعوب واستكمالا لمنظومة العدالة الحقوقية في وطننا العربي".

وأكد ان الوضع الراهن في الوطن العربي وما توجهه المنطقة العربية من تحديات جسام متجسدة في اشكال شتى , منها الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية وانتهاكه المستمرة لحقوق الانسان العربي والتطور المتسارع في الصراعات والنزاعات في المنطقة , والتحديات الاقتصادية والتنموية الجسيمة التي تواجهها الكثير من الدول العربية وما يترتب عليها من مساس بحقوق الانسان تدعونا الى النظر في أهمية العمل الانساني والحقوقي بما يفتح المجال واسعا نحو تنمية مجتمعية واقتصادية مستدامة تتوق اليها شعوبنا العربية، واضاف ان البرلمان العربي لن يدخر جهدا في تسخير كل ما يمتلكه من خبرات اعضائه ودوره المهم دعما لعمل هذه المحكمة , وتنفيذ المقترحات والتوصيات التي ستنبثق عن المؤتمر نحو دور البرلمان العربي في دعم المحكمة العربية لحقوق الانسان .

 

من جانبه قال السيد فرج فنيش رئيس قسم الشرق الاوسط وشمال افريقيا بالمفوضية السامية لحقوق الانسان في البداية "اود بداية ان انقل اليكم تحيات السيدة نافي بلاي مفوضة الامم المتحدة السامية لحقوق الانسان وتمنياتها لكم جميعا بالنجاح في اعمالكم وهي تأسف لعدم قدرتها على المشاركة شخصيا في هذا الاجتماع وقد كلفتني بان انقل لكم وللقيادة البحرينية , ولمعالي الامين العام لجامعة الدول العربية مساندتها للجهود المبذولة من اجل انشاء المحكمة العربية لحقوق الانسان، هذه الالية الجديدة التي ستساهم لا محالة في تعزيز النظام الاقليمي العربي لحماية حقوق الانسان".

وشدد على أهمية اشارة معالي الامين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي الى فعاليات المؤتمر الاول رفيع المستوى لحماية حقوق الانسان وتعزيزها في المنطقة العربية الذي انعقد بالقاهرة من 20 الى 22 مايو الجاري برعاية مشتركة بين الامانة العامة لجامعة الدول العربية والمفوضية السامية لحقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة، وقد شارك فيه اكثر من 120 من الخبراء والمعنيين بحقوق الانسان ممثلين للحكومات والمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني بمختلف البلدان العربية، بالإضافة الى ممثلين عن وكالات الامم المتحدة المتخصصة والمنظمات غير الحكومية الدولية وعدد من المنظمات الاقليمية، واخص بالذكر منها البرلمان العربي الذي كان ممثلا برئيسه معالي الدكتور احمد محمد الجروان.

واكد رئيس قسم الشرق الاوسط وشمال افريقيا بالمفوضية السامية لحقوق الانسان نجاعة مؤتمر القاهرة نظراً لأهميته الخاصة حيث انه لأول مرة ينعقد اجتماع مشترك رفيع المستوى بين جامعة الدول العربية والامم المتحدة حول موضوع "حماية حقوق الانسان في البلدان العربية". وهي خطوة جريئة تؤكد رغبة الجامعة العربية في الانخراط في مسيرة الاصلاح ومواكبة التطورات الهائلة على المستويين الدولي والاقليمي، وفي التعامل الايجابي مع رغبات شعوب المنطقة ومطالبها المشروعة في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

وأوضح ان أهمية مؤتمر القاهرة تنبع كذلك من التوصيات التي انبثقت عنه ومنها الترحيب بقرار الجامعة انشاء المحكمة العربية لحقوق الانسان والتأكيد على اهمية ان ترتقي نصوصها التأسيسية الى مستوى المعايير الدولية وتلك المعتمدة لدى المحاكم الاقليمية الاخرى , بالإضافة الى اتفاق المشاركين على اهمية تطوير استراتيجية عربية اقليمية لحقوق الانسان تهدف الى تعزيز مختلف الاليات الاقليمية لحماية حقوق الانسان بما في ذلك المحكمة العربية لحقوق الانسان.

وقال ان المؤتمر نبه الى انه " مع الادراك الكامل للتحديات الهائلة التي تواجه عددا من الدول العربية، عبر المشاركون والمشاركات عن قلقهم العميق لما وقع ويقع من انتهاكات لحقوق الانسان في عدد من الدول العربية "، مطالبين السلطات في هذه الدول باتخاذ الاجراءات التشريعية والتنفيذية لحماية حقوق الانسان لكل الفئات بما في ذلك العمال المهاجرين، وتوفير الظروف المناسبة لتوفير حرية التعبير والتجمع والمشاركة السياسية لمختلف الفئات الاجتماعية بما فيها المرأة، واحترام الاعلان العالمي لحماية المدافعين عن حقوق الانسان، ومنع التعذيب والوقاية منه، واطلاق سراح سجناء الراي بما في ذلك المدافعين والمدافعات عن حقوق الانسان وتعزيز استقلال القضاء ومحاربة الفساد والسعي لتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال التوزيع العادل للثروات.

واضاف السيد فرج فنيش ان المفوضية السامية لحقوق الانسان ترحب بقرار جامعة الدول العربية انشاء المحكمة العربية لحقوق الانسان، وتأمل ان تمثل هذه المحكمة لبنة اساسية لحماية حقوق الانسان في الدول العربية. واعتبارا للاستشارات القائمة حاليا حول المحكمة " ومنها هذا المؤتمر الذي بادرت بتنظيمه المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان بالبحرين بالتعاون مع الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان "، فإننا نود التأكيد على عدد من المسائل الاساسية ذات الصلة وهى :.
 / اهمية ان تكون عملية مناقشة مشروع النظام الاساسي للمحكمة تشاركية وشفافة وان يفتح المجال لمنظمات المجتمع المدني ونقابات المحامين وجمعيات القضاة والخبراء لتقديم اقتراحاتهم وملاحظاتهم، وان تأخذ كل الملاحظات بعين الاعتبار.
 / ينبغي ان ينص النظام الاساسي للمحكمة بشكل واضح على ان تكون مرجعياتها كافة التزامات الدولة الطرف المعنية، بما في ذلك الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان التي صدقت عليها او انضمت اليه، وان لا يقتصر اختصاص المحكمة على الميثاق العربي والاتفاقيات العربية الاخرى في مجال حقوق الانسان.
 / ينبغي ان لا يقتصر الاختصاص القضائي على الشكاوي الحكومية فقط، وان يتوسع لقبول الشكاوى الفردية سواء مباشرة او عن طريق المنظمات غير الحكومية التي تتمتع بالصفة الاستشارية، وان لا يقتصر ذلك على مواطني او رعايا الدولة المعنية، ولكن يكون حقا لكل فرد يدعي ان حقوقه تعرضت للانتهاك من طرف الدولة المعنية.
 / ان يتم احترام المساواة بين الرجال والنساء في عملية اختيار القضاة وان ينص النظام الاساسي على مختلف ضمانات المحاكمة العادلة واستقلال القضاء وفقا للمعايير الدولية، وان تكفل الدول المعنية وخاصة دولة المقر للضحايا والشهود الحماية اللازمة والتسهيلات المطلوبة للوصول الى المحكمة.
 / ان يشمل النظام الاساسي للمحكمة التزام الدول الاطراف بتنفيذ القرارات الوقائية والاحترازية المؤقتة التي تصدرها المحكمة، بالإضافة الى التزامها بتنفيذ الاحكام النهائية للمحكمة، واقرار الاليات الضامنة بهذا الشأن.
ورأى ان السعي لإنشاء المحكمة العربية لحقوق الانسان يجب ان ترافقه على مستوى الدول العربية خطوات جريئة لاحترام حقوق الانسان على المستوى الوطني ومن ضمنها الانضمام للاتفاقيات الدولية وملائمة التشريعات مع المعايير الدولية وضمان استقلال القضاء والاعتراف بحق الناس في حرية التعبير والضمير والتجمع، وبدور المنظمات غير الحكومية واطلاق سراح مساجين الراي وتعزيز المحاسبة وعدم الافلات من العقاب.
وجدد في ختام كلمته مساندة المفوضية السامية لحقوق الانسان لفكرة انشاء المحكمة العربية لحقوق الانسان معربا عن الاستعداد الكامل للتعاون مع جامعة الدول العربية وتقديم الدعم الفني المطلوب للمحكمة العربية بما في ذلك توفير خبرات اللجان التعاهدية، وهي لجان "شبه قضائية" راكمت على مدى عشرات من السنيين خبرة لا يستهان بها في مجال الاجتهادات والفقه القضائي الذي عكست اللجان جانبا منه في تعليقاتها وملاحظاتها العامة وكذلك في ارائها بشان الشكاوى الفردية.

من جهته ألقى رئيس الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان كلمة محمد الصبار أكد فيها ان مشاركته باسم الشبكة في أعمال الندوة الدولية حول مشروع المحكمة العربية لحقوق الإنسان، هي مشاركة ومساهمة تندرج في إطار ممارسة الشبكة لاختصاصاتها المنصوص عليها في المادة 3 من وثيقة تأسيسها، والمادتين 5 و 6 من نظامها الأساسي.

وقال ان الاهتمام البالغ الذي توليه الشبكة لبناء منظومة إقليمية لحماية حقوق الإنسان و النهوض بها في البلدان العربية ، يندرج في إطار الهدف الاستراتيجي للشبكة المتمثل في حماية وتعزيز وتطوير حقوق الإنسان في المنطقة العربية، واكد أن السعي الحثيث للشبكة للترافع من أجل إخراج نظام أساسي لمحكمة عربية لحقوق الإنسان، تضاهي مثيلاتها من محاكم إقليمية وتتكامل مع مؤسسات القضاء الوطني، وتقوي المنظومة الإقليمية لحماية حقوق الإنسان، ليس إلا إعمالا لإحدى المهام الأساسية للشبكة و المتمثلة في تبادل وتنسيق الآراء والمواقف للمؤسسات الوطنية على المستوى الإقليمي والدولي حول كل القضايا ذات الصلة بحقوق الإنسان.

واضاف ان الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان تثمن عاليا مبادرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل مملكة البحرين الهادفة إلى إنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان، بوصف المحكمة لبنة أساسية في بناء منظومة إقليمية لحقوق الإنسان، ومؤسسة ستطور بشكل جوهري آليات الانتصاف القضائي بشكل يكمل القضاء الوطني وباعتبارها آلية أساسية في النظام الإقليمي لحقوق الإنسان على مستوى الدول الأطراف في الجامعة ستمكن من توفير حماية متقدمة لحقوق الإنسان على المستوى الإقليمي، على غرار الأنظمة الإقليمية الأخرى لحقوق الإنسان )الأوربية، الإفريقية و الأمريكية( وفي تكامل ضروري مع الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان.

وقال إن الشبكة تثمن بنفس المستوى من التقدير، عرض مملكة البحرين استضافة مقر المحكمة، وتضع الشبكة جميع إمكانيتها وقدراتها رهن إشارة المملكة، عند الاقتضاء، من أجل المساهمة في إخراج هذا المشروع الحقوقي الكبير إلى حيز الوجود.

واشار إلى أنه بناء على قرار مجلس الجامعة على مستوى القمة انطلق مسار صياغة و إعداد مشروع النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان. وتم إنشاء لجنة من الخبراء القانونيين من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية لتقديم الخبرة حول مشروع النظام الأساسي للمحكمة المذكورة، وفي مارس من هذه السنة، وبمناسبة القمة العادية الخامسة والعشرين لجامعة الدول العربية المنعقدة بالكويت، قررت القمة الموافقة من حيث المبدأ على مشروع النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان وتكليف اللجنة رفيعة المستوى للبت في المسائل المتعلقة بالمشروع وعرض الصياغة النهائية له على اجتماع وزراء الخارجية العرب لاعتماده .

وقال "بعد تتبع الشبكة للمناقشات الجارية بشأن المشروع وكذا دراسة الوثائق الأولية المنتجة من قبل المؤسسات أعضاء الشبكة أو من قبل منظمات دولية غير حكومية وازنة كالفيديرالية الدولية لحقوق الإنسان واللجنة الدولية للحقوقيين، اتضح أن مسار صياغة مشروع النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان يطرح عددا من التحديات القانونية والمنهجية سيما من منظور تقريب مشروع النظام الأساسي من الأنظمة الأساسية للمحاكم الإقليمية المماثلة.

وقال أن طليعة هذه التحديات تتمثل في حسم سيناريوهات علاقة مشروع النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان بالميثاق العربي لحقوق الإنسان، وهو تحد يمكن تناوله انطلاقا من مداخل متعددة: تنوع، إن لم نقل تباين، الممارسة الاتفاقية للدول الأطراف في جامعة الدول العربية. كما أن مستوى آخر من التحدي يرتبط بوضعية المصادقة على الميثاق العربي لحقوق الإنسان ذاته الذي صادقت عليه إلى حد الآن 20 دولة فقط من الدول الأطراف في الجامعة. ويحيل مستوى ثالث من التحدي على ضرورة تحيين الميثاق العربي لحقوق الإنسان ذاته لجعله نظيرا للمواثيق الإقليمية المشابهة لحقوق الإنسان والتي تنحو في الغالب إلى تكريس ضمانات الحقوق إما تطابقا إن لم تكن تفوق تلك المقدمة في الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان. كما تقيم تلك الاتفاقيات في متنها رابطا عضويا مع المحاكم الإقليمية لحقوق الإنسان عبر التنصيص على المبادئ العامة المرتبطة باختصاصها و تأليفها و تنظيمها. وهكذا يتضح إذن أن هذه التحديات ذات الطبيعة المعيارية تطرح إشكالية القاعدة المرجعية بالنسبة للمحكمة العربية لحقوق الإنسان.

واضاف ان هناك مستوى ثان من التحديات يرتبط بالأساس بالاختصاص الشخصي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان، فإذا كانت المقتضيات المتعلقة بعدم إمكانية اللجوء إلى المحكمة العربية إلا بعد استنفاذ جميع درجات التقاضي و كذا عدم النظر في قضايا مرفوعة أمام محاكم إقليمية أخرى أو آليات إقليمية أو دولية لحماية حقوق الإنسان تعتبر من القضايا المسلم بها في الهندسة القانونية لمشروع النظام الأساسي للمحكمة، بوصفها محكمة إقليمية ، فإن التحدي الأساسي يبقى ضرورة توسيع الاختصاص الشخصي للمحكمة العربية لإتاحة الإمكانية للمواطنين والمقيمين كيفما كانت وضعياتهم القانونية وكذا المنظمات غير الحكومية المنشأة بصفة قانونية وفق للقوانين الوطنية للدول الأطراف للتقاضي أمام المحكمة العربية لحقوق الإنسان. ولعل إحدى أهم محاور ترافع الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان و التي تتطلب تعبئة خاصة تتمثل في هذه النقطة بالذات.

ويتعلق المستوى الثالث من التحديات بمسطرة انتخاب قضاة المحكمة العربية لحقوق الإنسان، وخاصة الوضع القانوني والاختصاصات المرتقبة لجمعية الدول الأطراف كما تم التنصيص عليها في مشروع النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان. علما أن الدراسة المقارنة تبرز أن قضاة المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، حسب المادة 44 من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان ينتخبون من قبل الجمعية البرلمانية لمجلس أوربا. وحسب المادة 53 من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان ينتخب قضاة المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان من قبل الجمعية العامة لمنظمة الدول الأمريكية. بالمقابل فإن الاتحاد الإفريقي اختار حل انتخاب قضاة المحكمة الأفريقية للعدل وحقوق الإنسان من قبل المجلس التنفيذي لوزراء الاتحاد الإفريقي, وذلك حسب المادة 7 من البروتوكول بمثابة النظام الأساسي للمحكمة الإفريقية للعدل و حقوق الإنسان.

وتساءل عن امكانية التفكير في جدوى إحداث جمعية للدول الأطراف في البروتوكول من جهة وربما البحث في إطار منطق العقلنة المؤسساتية عن جدوى إسناد انتخاب قضاة المحكمة إلى إحدى الأجهزة القائمة لجامعة الدول العربية. وإلى أي حد يمكن أن يكون البرلمان العربي بديلا لجمعية الدول الأطراف، خاصة في منظمة إقليمية تتفاوت فيها وضعيات المصادقة على الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الذي يفترض أن يكون القاعدة المرجعية المطبقة من لدن المحكمة العربية لحقوق الإنسان. وكيف يمكن، في هذا الصدد، اجراء توجهات العقلنة المؤسساتية التي ارتكز عليها تقرير اللجنة المستقلة الرفيعة المستوى برئاسة السيد الأخضر الإبراهيمي، المتعلق بإصلاح و تطوير جامعة الدول العربية. سيما مع أفق احتمال اجراء التوصية الواردة في التقرير والمتعلقة باقتراح اختيار أعضاء البرلمان العربي بالانتخاب المباشر في البلاد التي تنتخب ممثليها في البرلمانات الوطنية و بالانتخاب من قبل المجالس المشابهة في البلاد التي لم تتبع بعد نظام الانتخاب المباشر.

وقال ان من التحديات التي يمكن أيضا التفكير في أجرأتها كيفيات تطبيق الشرط التأويلي المشار إليه في المادة 23 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان و التي تنص على أنه " لا يجوز تفسير هذا الميثاق أو تأويله على نحو ينتقص من الحقوق والحريات التي تحميها القوانين الداخلية للدول الأطراف أو القوانين المنصوص عليها في المواثيق الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان التي صدقت عليها أو أقرتها بما فيها حقوق المرأة والطفل والأشخاص المنتمين إلى الأقليات" على العمل القضائي المستقبلي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان.

واشار الى انه إلى جانب هذه التحديات هناك تحديات أخرى من قبيل تمكين المحكمة من النظر في قابلية التلقي الشكلي للدعوى، وهو الاتجاه الذي تسير عليه حاليا التجارب المقارنة للمحاكم الإقليمية لحقوق الإنسان، كيفية إعادة صياغة آلية تنفيذ أحكام المحكمة العربية لحقوق الإنسان المقترحة في مشروع النظام الأساسي للمحكمة على ضوء آليات مماثلة منصوص عليها في المحاكم الإقليمية لحقوق الإنسان، و عما إذا كان ممكنا إسناد تتبع التنفيذ إلى مجلس وزراء العدل العرب، ضمانا لتكليف الآليات الوطنية لتنفيذ الأحكام في الدول الأطراف بتنفيذ أحكام المحكمة العربية لحقوق الإنسان.

وقال الصبار ان الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان تنتظر من هذه الندوة، الخروج بمقترحات قانونية عملية و إجرائية بخصوص هذه التحديات القانونية و المنهجية و تحديات أخرى، كما تتوقع الشبكة أن تشكل هذه الندوة الدولية محطة أساسية في بناء مخطط للترافع من أجل تأسيس محكمة عربية لحقوق الإنسان ستمثل بدون شك ركيزة أساسية في منظومة إقليمية لحماية حقوق الإنسان نبتغيها في مستوى تطلعات الشعوب والمقيمين في الدول الأطراف في جامعة الدول العربية، ولما لا مضاهاة المحاكم الإقليمية المماثلة لحقوق الإنسان .